فوصفهم ربُّنا جل ثناؤه بأنهم: " لا يفقهون بها " ، لإعراضهم عن الحق وتركهم تدبُّر صحة [نبوّة] الرسل، (5) وبُطُول الكفر. وكذلك قوله: (ولهم أعين لا يبصرون بها) ، معناه: ولهم أعين لا ينظرون بها إلى آيات الله وأدلته, فيتأملوها ويتفكروا فيها, فيعلموا بها صحة ما تدعوهم إليه رسلهم, وفسادِ ما هم عليه مقيمون، من الشرك بالله، وتكذيب رسله; فوصفهم الله بتركهم إعمالها في الحقّ، بأنهم لا يبصرون بها. (6) وكذلك قوله: (ولهم آذان لا يسمعون بها) ، آيات كتاب الله، فيعتبروها ويتفكروا فيها, ولكنهم يعرضون عنها, ويقولون: لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ، [سورة فصلت: 26]. وذلك نظير وصف الله إياهم في موضع آخر بقوله: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ، [سورة البقرة: 171]. والعرب تقول ذلك للتارك استعمالَ بعض جوارحه فيما يصلح له, ومنه قول مسكين الدارمي: أَعْمَــى إِذَا مَــا جَـارَتِي خَرَجَـتْ حَــتَّى يُــوَارِيَ جَــارَتِي السِّـتْرُ (7) وَأَصَــمُّ عَمَّـا كَـــانَ بَيْنَهُمَــا سَــمْعِي وَمَـا بِالسَّـمْعِ مِـنْ وَقْــرِ فوصف نفسه لتركه النظر والاستماع بالعمى والصمم.
ومن الولاء حب الإنسان لأخيه الإنسان في الله ولله، وفي الحديث عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع): (كل من لم يحب على الدين، ولم يبغض على الدين، فلا دين له)، وعنه عليه السلام أيضا: (ما التقى مؤمنان قط إلا كان أفضلهما أشدهما حبًّا لأخيه)، وكما يفيدنا الفقيه الكرباسي: (من صور الولاء أن يتصادق المؤمنون فيما بينهم وأن يتوادوا فيما بينهم، وأن يتزاوروا وأن يعين أحدهم الآخر في القول والفعل في الحق دون الباطل)، ولا يعني هذا مقاطعة الآخر وعدم التعاطي معه، إذ: (لا يعني إحسان المؤمنين فيما بينهم الذي هو مظهر من مظاهر الولاء عدم الإحسان للكافر كإنسان لا على حساب كفره). ومن الولاء تقوية أواصر المجتمع، ومنها يفيدنا المحرر: (إذا كان التجمع يوجب مزيد التعاون والود والمحبة والولاء ينبغي الحضور والمشاركة)، وعليه كما يزيدنا: (يجب إظهار كل ما يوجب المودة للمسلمين) ولهذا كان: (عمل الخير الموجب للمحبة والولاء لأولياء الله واجب على القادر)، ومن الولاء المجتمعي: (يجب الدفاع بحق عن الأخوة الإسلامية كفرد ومجتمع في إطار الولاء والتضامن)، وأهم دواعي الدفاع كما يفيدنا المعلق: (لئلا يتجرأ العدو بالهجوم على المقدسات الإسلامية فرداً ومجتمعاً).
تمظهرات الحُب وترشحاته في الأنا والآخر د.
وأردف: «عندما نصل إلى الباب يجب أن نستخدم مفتاحا لفتحه، وهو الوسيلة، فالله عز وجل قال: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوٓاْ إِلَيْهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُواْ فِى سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، موضحًا أن الوسيلة هي الأداة التي يُتوسل بها إلى غيرها.
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) القول في تأويل قوله: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد خلقنا لجهنّم كثيرًا من الجن والإنس. * * * يقال منه: ذرأ الله خلقه يذرؤهم ذَرْءًا. (1) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 15443 - حدثني علي بن الحسين الأزدي قال: حدثنا يحيى بن يمان, عن مبارك بن فضالة, عن الحسن, في قوله: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرًا من الجن والإنس) قال: مما خلقنا. (2) 15444 -.... حدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن أبي زائدة, عن مبارك, عن الحسن, في قوله: (ولقد ذرأنا لجهنم) قال: خلقنا. 15445 -.... قال: حدثنا زكريا, عن عتاب بن بشير, عن علي بن بذيمة, عن سعيد بن جبير قال: أولاد الزنا ممّا ذرأ الله لجهنم.
{وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ} (179) 172 ويؤيد ما ذهبنا إليه في فهم الآية السابقة وأخواتها نص الآية التالية: ولقد ذرانا لجهنم كثيراً من الجن والإنس. لهم قلوب لا يفقهون بها ، ولهم أعين لا يبصرون بها ، ولهم آذان لا يسمعون بها.. أولئك كالأنعام ، بل هم أضل.. أولئك هم الغافلون.. إن هؤلاء الكثيرين من الجن والإنس مخلوقون لجهنم! وهم مهيأون لها! فما بالهم كذلك ؟ هنالك اعتباران: الاعتبار الأول: أنه مكشوف لعلم الله الأزلي أن هؤلاء الخلق صائرون إلى جهنم.. وهذا لا يحتاج إلى بروز العمل الذي يستحقون به جهنم إلى عالم الواقع الفعلي لهم. فعلم الله سبحانه شامل محيط غير متوقف على زمان ولا على حركة ينشأ بعدها الفعل في عالم العباد الحادث. والاعتبار الثاني: أن هذا العلم الأزلي - الذي لا يتعلق بزمان ولا حركة في عالم العباد الحادث - ليس هو الذي يدفع هذه الخلائق إلى الضلال الذي تستحق به جهنم.
تاريخ الإضافة: 28/8/2017 ميلادي - 6/12/1438 هجري الزيارات: 66253 تفسير: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها) ♦ الآية: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأعراف (179). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ ولقد ذَرَأْنا ﴾ خلقنا ﴿ لجهنم كثيراً من الجن والإِنس ﴾ وهم الذين حقَّت عليهم الشَّقاوة ﴿ لهم قلوب لا يفقهون بها ﴾ لا يعقلون بها الحير والهدى ﴿ ولهم أعين لا يبصرون بها ﴾ سبل الهدى ﴿ ولهم آذان لا يسمعون بها ﴾ مواعظ القرآن ﴿ أولئك كالأنعام ﴾ يأكلون ويشربون ولا يلتفتون إلى الآخرة ﴿ بل هم أضلُّ ﴾ لأنَّ الأنعام مطيعةٌ لله والكافر غير مطيع ﴿ أولئك هم الغافلون ﴾ عمَّا في الآخرة من العذاب. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾، أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لِلنَّارِ وَهُمُ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمُ الْكَلِمَةُ الْأَزَلِيَّةُ بِالشَّقَاوَةِ، وَمَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ لِجَهَنَّمَ فَلَا حِيلَةَ لَهُ فِي الْخَلَاصِ مِنْهَا.
( ولهم أعين لا يبصرون بها) طريق الحق وسبيل الرشاد ، ( ولهم آذان لا يسمعون بها) مواعظ القرآن فيتفكرون فيها ويعتبرون بها ، ثم ضرب لهم مثلا في الجهل والاقتصار على الأكل والشرب ، فقال: ( أولئك كالأنعام بل هم أضل) أي: كالأنعام في أن همتهم في الأكل والشرب والتمتع بالشهوات ، بل هم أضل لأن الأنعام تميز بين المضار والمنافع ، فلا تقدم على المضار ، وهؤلاء يقدمون على النار معاندة ، مع العلم بالهلاك ، ( أولئك هم الغافلون)
دعا الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الآباء، أن يعلموا أبناءهم كيفية اللجوء إلى الله، واصفا هذا الأمر بأنه أعظم هدية، مضيفًا «في الدول الغربية والمجتمعات الإلحادية، فكرة ربنا والدين عندهم مش موجودة إلا من رحم ربي، فبيعلموا ولادهم رقم الشرطة عشان يتصلوا بيها في أي حالة طوارئ، وده تحضر وكلام مقبول، لكن إحنا عندنا تحضر وباب أهم بكتير لازم نسيبه لأبنائنا عشان لو حصل حاجة وغادرت الدنيا تبقى سلحتهم بسلاح من بعدك». جزاء تعليم الأبناء كيفية اللجوء إلى الله وأضاف الجندي ، خلال تقديم برنامجه «لعلهم يفقهون»، الذي يُعرض على قناة «dmc»، أنّ الله عز وجلّ قال في كتابه العزيز «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا»، متابعًا: «يعني في حاجة لازم تتساب لأولادك، ولو سيبت لهم باب سماء مفتوح، هتضمن المغفرة والرحمة بعد الموت، لأنك علمت ابنك كيف يلجأ إلى الله ويديم التواصل معه». المعراج هو وسيلة الصعود إلى باب السماء وتابع عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: «المعراج هو وسيلة الصعود إلى باب السماء، لذلك فإن اسمها حادثة الإسراء والمعراج، وتحدث عنها الناس باهتمام لما أنكرها شخص هداه الله، ومن أنكر واقعة المعراج لا يدرك أن الله لديه معارج.. فالمعراج هو السلم والوسيلة الذي نستخدمه حتى نصل إلى عتبة الباب، اسألوا علماء الأزهر، لأنهم بخير بفضل الله، ودعكم من الحملات ضدهم، وسيظلون بالخير، وهم اللي شايلين البلد في الفكر الوسطي».