> أما في الشق الأول للعبارة سابقة الاستخدام أن «الخير يخص» وتحديداً في الحالات والمجالات المعروفة والمشهورة بالاستخدام فيها والمذكورة سابقاً، فقد تفتح فيها أبواب الحسد والتباغض أكثر من دوافع معززات التنافس والاقتداء بينما «الشر يخص» فقد تجعل المرء يفكر عدة مرات ومرات حتى لا يرتكب ما يؤدي لعقابه أمام أعين الجميع. وأس البلاء لظهور هذا المثل وجعله صحيحاً فيما بيننا أننا نتستر على الذين يرتكبون الأخطاء لدرجة أن الجهر بهم والإفصاح عنهم جريمة أكبر من الخطأ نفسه ليكون في عقلنا الجمعي أن «العقاب الجماعي أفضل من المكافأة الشخصية». > لأن جميعنا يعلم أننا نلجأ باندفاع كبير وبلا أدنى تروٍ لهذه العبارة كأننا مضطرون عندما لا نعرف من المقصر ومن الذي ارتكب الجرم، وعليه فمن أجل أن يسود النظام نعاقب الجميع، بمعنى أننا نحن دوماً نسرف في كل ما يؤدي إلى تطبيق العقوبة والترهيب بالشر ونشح ونبخل بما كل يؤدي إلى السلامة والنجاة والترغيب بالخير، لكن يبقى الصحيح هنا وفي مثل هذه الحالات لئن نسرف في العفو والصفح عن الجميع خطأ، خير من أن نسرف في العقوبة والتأنيب والزجر ولو لشخص واحد دعك عن مجموعات كبيرة من الناس. > وما يجعل هذا المثل مستمراً هكذا وبأخطائه في كل شؤون حياتنا كما ذكرت بسبب التكتم على المخطئين وعدم توجيه النصح والإرشاد لهم إيماناً منا ــ في الأفعال ــ بظاهر النص في قوله تعالى «يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم… الآية»، بينما جاء في تفسير هذه الآية عن أبي بكر الصديق يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية «يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم … الآية»، وتضعونها في غير موضعها ولا تدرون ما هي وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس إذا رأوا منكراً فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه.
كدتُ أطير من الفرح وأنا طفل في الصف الثالث الابتدائي، حينما انتشر خبر بين الطلبة مفاده أن معلم الرياضيات غائب هذا اليوم. هذا يعني أنه لن يكون هناك درس جديد أو واجبات لتلك المادة غدا. ولكن الأهم، ستكون حصة الرياضيات وقتاً للعب كرة القدم في الساحة مع الأصدقاء على الأغلب. مع الأسف، تبدد هذا الحلم حينما قرر معلم حصة الانتظار بأن يُعاقِب جميع الفصل بالجلوس الصامت بسبب طالبٍ مشاغبٍ واحد. وحينما أخْبَرت المعلم أن ذلك ليس عدلاً، أطرق برأسه قائلاً بنبرة تشي بعدم الرغبة بإكمال النقاش ومستشهداً بمقولةٍ خالدةً مجتمعياً: "الخير يخص والشر يعم". كان ذلك أول صدامٍ في وعيي البسيطِ مع أحدِ مسَلّماتِ المجتمع الثقافية. وبعد قرابة ٢٥ عاماً، أرى في طريقي إلى العمل أحد مبانِ النهضة الحديثة، ذا الطريق الواسعِ قبالته، أسيء استخدام مساحة طريق مدخله من بعض مرتاديه ليوقفوا السيارة أمام بوابته. ليس لانتظار أحد، ولكن تكاسلا عن إيقاف السيارة في المكان المخصص لها والمشي ٥ دقائق إلى بوابة المبنى. فكان الرد العملي من الجهة المعنية بأن "الخير يخص والشر يعم" مرة أخرى. فتم تشويهُ الطريقِ بالكثير من السواتر الحمراء بدلاً من مخالفة من يسيء استخدام الطريق وحدهم.
قلت له يا فلان: ولاتزر وازرة وزر اخرى، قال: ولكننا نحن الآن في كلية الشرطة وهنا نقول «الخير يخص والشر يعم». قلت له: لقد جئت لاصحح هذا المفهوم لان العقل يقول: لا يساوى المحسن بالمسيء، كما ان المنطق السليم يقتضي ان نقول اذا عاقبت المحسن مع المسيء فأين الحوافز التي تشجع المحسن على ان يبقى على استقامته ولا تجعله يموت من الاحباط. قال: ما تقوله صحيح لكنا نريد ان نعد ابنك للمستقبل، وكل طيش شبابي او غرور نفسي يجب ان يتخلص منه قبل ان يصبح مسئولا ثم قال وربما نحن نفعل به اكثر من حلق شعره والزحف على يده. قلت: وهل هذا هو العلم والاخلاق؟ قال: نعم، انه شرطي وسوف يكون ضابطاً في المستقبل تسند اليه ادارة مركز بأكمله. وفي هذا المركز سوف يأتون اليه بالسكارى والمجرمين ومن لا اخلاق لهم، فيشتمونه ويلعنون والديه امام الناس، ويرفعون اصواتهم عليه، وهو مدير مركز الشرطة ويحمل مسدسا في جيبه، فإذا لم يكن مدرباً على امتصاص سفاهتهم في مثل هذه المواقف ربما اخرج مسدسه وفتح النار على ذلك المجنون لينتقم لنفسه ولوالديه ظنا منه بأن المطلوب منه اولا ان يحفظ كرامته وكرامة والديه. لكن لو تعلم تقبل مثل هذه النرفزات في اثناء التدريب وتشبع منه فإنه اذا صار ضابط مركز أو مسئولاً اكبر سوف يتقبل ما يوجه اليه من المجرمين الذين مثلوا امامه، فيسمع ذلك منهم من غير ان ينفعل لانه يقول في نفسه لقد سمعت ورأيت اكثر من هذا عندما كنت طالبا اتدرب.