الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته. اختيار هذا الخط
وقال _سبحانه_: " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى.. ". وقال _سبحانه_: " أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون ". وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال النبي _صلى الله عليه وسلم_: " ما من نبي إلا أعطي من الآيات ما مثلها آمن عليه البشر, وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلى فأرجو أن أكون أكثرهم تبعا يوم القيامة "يقول ابن مفلح ناصحا حامل القرآن بشكر تلك النعمة العظيمة " أن يعتقد جزيل ما أنعم الله عليه إذ أهله لحفظ كتابه, ويستصغر عرض الدنيا أجمع في جنب ما خوله الله _تعالى_ ويشكره. فاقة في القلب لا يسدها غير القرآن.. إن بالقلب لفقرا وفاقة مستشعرة من كل أحد كما يستشعر بنقص ذاتي في إيمانه كلما عصى ربه وخالف أمره, ومن ثم فهو بحاجه لسد ذاك الثلم وإبعاد تلك الفاقة بالتوبة وبالقرآن وتدبره وتعلم مقاصده سد لذاك الخلل والذوبان في آفاقه علاج لتنلك الوحشة.. قال الله _سبحانه_: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق... الآيات " قال محمد بن كعب:كان الصحابة في مكة مجاهدين فلما هاجروا أصابوا الريف والنعمة ففتروا عما كانوا فيه فقست قلوبهم فوعظهم الله فأفاقوا " تفسير القرطبي, وعن ابن عباس قال, قال أبو بكر: يا رسول الله أراك قد شبت!
قال ابن عباس: أوحى لها، أي: أوحى إليها، وأذن لها أن [ ص: 204] تخبر بما عمل عليها. وقال أبو عبيدة: " لها " بمعنى " إليها ". قال العجاج: وحى لها القرار فاستقرت قوله تعالى: يومئذ يصدر الناس أي: يرجعون عن موقف الحساب أشتاتا أي: فرقا. فأهل الإيمان على حدة وأهل الكفر على حدة ليروا أعمالهم وقرأ أبو بكر الصديق، وعائشة، والجحدري: " ليروا " بفتح الياء. قال ابن عباس: أي: ليروا جزاء أعمالهم. فالمعنى: أنهم يرجعون عن الموقف فرقا لينزلوا منازلهم من الجنة والنار. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره: تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ليروا أعمالهم يومئذ يصدر الناس أشتاتا. فعلى هذا: يرون ما عملوا من خير أو شر في موقف العرض فمن يعمل مثقال ذرة قال المفسرون: من يعمل في الدنيا مثقال ذرة من الخير أو الشر يره وقرأ أبان [ ص: 205] عن عاصم " يره " بضم الياء في الحرفين. وقد بينا معنى " الذرة " في سورة [النساء: 40] وفي معنى هذه الرؤية قولان. أحدهما: أنه يراه في كتابه. والثاني: يرى جزاءه. وذكر مقاتل: أنها نزلت في رجلين كانا بالمدينة، كان أحدهما يستقل أن يعطي السائل الكسرة، أو التمرة. وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير، فأنزل الله عز وجل هذا يرغبهم في القليل من الخير، ويحذرهم اليسير من الشر.
2- اعتبار الإنسان نفسه هو المخاطب بآيات القرآن التي يقرؤها, يقول ابن القيم: " أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته وتضمنه له ويظنونه في نوع وفي قوم قد خلو من قبل ولم يعقبوا وارثا, وهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن, ولعمر الله إن كان أولئك قد خلو فقد ورثهم من هو مثلهم أو شر منهم أو دونهم وتناول القرآن كتناوله لأولئك " (مدارج السالكين), وقال محمد بن كعب: " من بلغه القرآن فكأنما كلمه الله ". 3- الانفراد والوحدة والتفكر: فقد قال الله _تعالى_: " كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون " ويقول الحسن البصري: " مازال أهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر وبالتفكر على التذكر ويناطقون القلوب حتى نطقت بالحكمة " ويقول ابن القيم: " التفكر في القرآن نوعان: تفكر فيه ليقع على مراد الرب _تعالى_ منه وتفكر في معاني ما دعا عباده إلى التفكر فيه. 4- محاولة التطبيق الفوري للأوامر والانتهاء الفوري عن النواهي: قال ابن مسعود في قوله _تعالى_: " يتلونه حق تلاوته " قال: والذي نفسي بيده إن حق التلاوة أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرؤه كما أنزله الله ". _________ مراجع للموضوع: 1- مدارج السالكين للإمام ابن القيم 2- مفتاح دار السعادة للإمام ابن القيم 3- تدبر القرآن للسنيدي 4- التبيان في آداب حملة القرآن للنووي 5- مختصر منهاج القاصدين للمقدسي