لكنه لم يتكرر على هذا المستوى، ولم يضارعه أحد، لا من مجايليه، ولا من الشعراء اللاحقين، وحتى حين انضم الى مجموعة "مجلة شعر" في بيروت الستينات، فإنه كان يشكل سرباً لوحده. صحيح انه عايشهم سياسياً وحياتياً، لكنه لم يتأثر بهم ولا بنظريات بعضهم على مستوى الإبداع، ودور الكتابة في التغيير، وتعبّر عن ذلك الشاعرة والناقدة سلمى الخضراء الجيوسي، في معرض حديثها عن الحداثة الشعرية العربية، وهي التي كانت قريبة من تجربة مجلة "شعر": "الماغوط كتب الحداثة أكثر من الشعراء الآخرين الذين نظّروا بها". عاش في بيروت ودمشق، لكنه ظل أقرب الى منطقته الخاصة مدينة السلمية الواقعة على مشارف البادية، وهناك بدأ وعيه على معنى التمرد والانشقاق. أعتقد ان الماغوط توقف عن الكتابة في اللحظة التي شعر فيها، انه سوف يعيد انتاج نفسه، في حالة وظرف مختلفين. لقد كان بوسعه أن يواصل الكتابة بالشكل والمضمون ذاته، لكنه من الصنف الذي تحدث عنه رينيه شار، الذي "لا يقبل الكتابة إلا اذا أتته من تلقاء نفسها كحالة حب جارف". ومثلما كتب بعفوية منذ البداية، فإنه كان حريصاً على أن لا يكرر الحس الأول تجاه الصورة الشعرية التي كانت رأس ماله. حاولتُ أن أحاوره حين انفردت به في باريس العام 1985، وكان حينها يرافق زوجته خلال علاجها من مرض السرطان، لكن الظرف لم يكن مناسباً كونه كان منصرفا كلياً إلى ما تعانيه سنية، ولا يريد لأحد أن يشاركه تلك الحالة أو يفتح قلبه.
كان الرهان أن يستمر الماغوط دون غيره لأنه صاحب تجربة فريدة، فهو بدأ شاعراً له ملامحه الخاصة والمختلفة. لا يشبه أحداً من كتاب التفعيلة والنثر في الستينيات. ومثل نهر متدفق، نمت على طرفه انهار وسواقي ووديان وبساتين وقرى وحيوات شعرية كثيرة، لكنه ظل صوتاً خاصاً، نافراً من النبع الى المصب. يقرأه المرء فيخرج مجروحاً ومسكوناً بالشجن والعذوبة. نتعمد نسيانه حين نكتب فنتذكره رغماً عنا. تداهمنا صوره الشعرية بقوة، لها سطوة واغراء كتابات الشعراء الكبار الذين أثروا في الحركات الشعرية بلا حدود. كثيرون حاولوا أن يصبحوا الماغوط لكنهم فشلوا، لأن النسخة الأصلية لم تكن قابلة للتقليد او التزوير. لقد بقي وحيد حالاته وجنونه الخاص. اقترب منه الجميع، لكنه بقي على مسافة حتى من اقرب الاصدقاء اليه. كنا نحبه ولا نكف عن تلاوة قصائده وتداولها، نحن الشعراء الشباب في سوريا السبعينات، لكننا لم نستطع الاقتراب منه. نحييه ويحيينا بموده، وكل يعبر في اتجاه. لم يكن يريدنا أن نختلط معه، كان يخشى الألفة. وقد أسرّ لبعضنا انه يخاف من أن تتكون من حوله مجموعة، لأن بداية هذا الطريق تقود الى تكريسه وتحويله الى ايقونة ومدرسة، وربما مزار.
خلال فترة الوحدة بين سورية ومصر كان الماغوط مطلوباً في دمشق، فقرر الهرب إلى بيروت في أواخر الخمسينات، ودخول لبنان بطريقة غير شرعية سيراً على الأقدام، وهناك انضمّ الماغوط إلى جماعة مجلة شعر حيث تعرف على الشاعر يوسف الخال الذي احتضنه في مجلة شعر بعد أن قدمه أدونيس للمجموعة. في بيروت نشأت بين الماغوط والشاعر بدر شاكر السياب صداقة حميمة فكان كان السياب صديق التسكّع على أرصفة بيروت، وفي بيروت أيضاً تعرّف الماغوط في بيت أدونيس على الشاعرة سنية صالح (التي غدت في ما بعد زوجته)، وهي شقيقة خالدة سعيد زوجة أدونيس، وكان التعارف سببه تنافس على جائزة جريدة النهار لأحسن قصيدة نثر. عاد الماغوط إلى دمشق بعد أن غدا اسماً كبيراً، حيث صدرت مجموعته الأولى حزن في ضوء القمر (عن دار مجلة شعر، 1959)، التي ألحقها عن الدار نفسها بعد عام واحد بمجموعته الثانية "غرفة بملايين الجدران" (1960)، وتوطدت العلاقة بين الماغوط وسنية صالح بعد فدومها إلى دمشق لاكمال دراستها الجامعية. وفي العام 1961 أدخل الماغوط إلى السجن للمرة الثانية وأمضى الماغوط في السجن ثلاثة أشهر، ووقفت سنية صالح وصديقه الحميم زكريا تامر إلى جانبه خلال فترة السجن، وتزوج الماغوط من سنية صالح عقب خروجه من السجن، وأنجب منها ابنتيه شام وسلافة.
توقف الماغوط عن الشعر بعد ديوانه الأخير "الفرح ليس مهنتي" الذي صدر العام 1970، أو أن الشعر توقف عنه منذ منتصف السبعينات. كانت آخر "قصيدة ماغوطية" كتبها ونشرها العام 1976، بعنوان: "آخر كلاب الأثر". ومنذ ذلك اليوم لا أذكر أننا قرأنا له قصيدة حزينة في ضوء القمر. نعم هو رثى زوجته، ورفيقة دربه الشاعرة سنية صالح، حين كانت مريضة بين الموت والموت في باريس في منتصف الثمانينات، لكنه لم يتابع الشعر بعدها إلا على سبيل الحنين، وانشغل في الكتابة للمسرح والتلفزيون والسينما، كما في المقالة الصحافية، وكان بارعا متميزا، وقدم الجديد في كل ذلك. عهدنا الماغوط في دواويينه الثلاثة صوتاً خاصاً، فطرياً، برّياً، عميقاً، منشقّاً، يتدفق مرارة وسخرية وحكمة، وشراسة بلا حدود. كان يمكن لقصيدة "آخر كلاب الأثر" ان تشكل انعطافة في تجربة هذا الشاعر الثائر على كل القيود، وتنتقل بها من طورها العفوي والفطري إلى ما يتعدى مجايليه من الشعراء الرواد الذين واصلت قله منهم، بينما توقفت الغالبية، وذلك يشكل ظاهرة لم يدرسها النقد. فمن بين الذين ظهروا ضمن مجموعة "شعر"، لم يستمر سوى أدونيس وأنسي الحاج، بينما توفي البقية أو توقفوا. وحتى إضافات أدونيس لم تتجاوز منجزه السابق الذي كانت ذروته في منتصف السبعينيات، في حين انهمك انسي الحاج في "خواتم" نثرية.
وعمل الماغوط فيما بعد بالصحافة حيث كان من بين المؤسسين لصحيفة تشرين كما عمل كرئيس تحرير لمجلة الشرطة. وعندما كان من بين أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي تم اغتيال عدنان المالكي ما تسبب في اعتقاله مع العديد من زملائه في الحزب. وعمل الماغوط في ثمانينيات القرن الماضي إلى الإمارات وعمل في جريدة الخليج وأسس القسم الثقافي فيها مع يوسف عيدابي. ومن ثم توالت أعماله الأدبية والمسرحية والسينمائية في السنوات اللاحقة. عائلة محمد الماغوط عندما كان في بيروت تعرف الماغوط في منزل أدونيس على الشاعرة سنية صالح حيث تزوجا فيما بعد. وتعد زوجة محمد الماغوط هي شقيقة خالدة سعيد زوجة أدونيس وكان التعارف قد حصل بينهما بعد نقاش حول جائزة جريدة النهار لأفضل قصيدة نثرية. أما أولاد محمد الماغوط من سنية صالح فهما: شام محمد الماغوط. سلافة محمد الماغوط. البعض يبحث عن ديانة محمد الماغوط ويتساءل هل محمد الماغوط مسلم وهو مسلم ينتمي لعائلة مسلمة إسماعيلية. فيديو تظهر فيه سلافة محمد الماغوط في إحدى اللقاءات وفاة محمد الماغوط في ظهر يوم الاثنين بتاريخ 3 نيسان/أبريل عام 2006م توفي محمد الماغوط عن عمر يناهز 73 سنة. وكان سبب وفاة محمد الماغوط هو تعرضه لجلطة دماغية في منزله، وسبق ذلك أنه كان قد عانى من صراع طويل مع المرض.
أنصح بقراءة كل كتبه دون استثناء.. #اقتباسات: ُربَّ نفس بين جدران السجون أطهر قلبًا، وأنقى ردنًا، - وأبيض عرًضا، من مثلها ب جدران القصور ________________ -لا مجد إلا مجد العلم ولا شرف إلا شرف التقوى، ولا عظمة إلا عظمة الآخذين بيد الإنسانية المعذبة،.. كنت تائهة إلى أن قرأت هذه الأعمال الكاملة حتى وجدت فيها ضالتي بداية بنظرات المنفلوطي وإنتهائا بعبراته التي سكبها بين يدي ووجدت فيها التعزية والسلوى كما ذكر في الإهداء تماما، رحمك الله يا المنفلوطي كنت أتسأل لو أنك تعيش حتى هذه اللحظة ماذا ستكتب، أحسست مع كل حرف قرأته من نظراتك وكأنك تصف حياتنا في الوقت الحالي. لقد وجدت في هذه الأعمال عذوبة الكلمات ورقتها وجمالها وازددت فخرا بلغتي العربية ورونقها لقد أضافت جمالا الى جمال الأعمال المترجمه من الشاعر والفضيلة وفي سبيل التاج وانتهائا ب ماجدولين. عشت مع.. شعرت بالندم والاسف لتأخيري قراءة مصطفى المنفلوطي ولا اعلم لماذا تغيب كتبه في الاعلام مع انه قامة ادبيه عملاقه يتميز بأسلوب أدبي فلذ والله بلا مبالغة كأني إقرأ لابي علاء والمتنبي من فصاحته في النظرات وهي. يقصد بها التأملات في الحياة والمجتمع تخيلوا يناقش مشاكل اجتماعية مازالت قائمة.
المنفلوطي أستاذي في الكتابة، ومن مجموعته الكاملة هذه تعلمت الكثير. لو كان الأدباء نجوماً في السماء، فإن المنفلوطي يكاد يكون الشمس التي تطغى بضوئها على أضوائهم جميعا، لا أقول بلغته فقط، إنما بفكره ونظرياته ونظراته، وببحثه الدؤوب عن الفضيلة. ـــــــــــــ "النظرات" كل كتبه وترجماته بكفَّةٍ، وثلاثية نظراته بكفَّةٍ أخرى.. أكثر ما أثر فيني هو مقاله عن "الأربعين"، تحدث فيه عن الموت، ثم مات. رحمك الله أيها الباحث عن الفضيلة. ـــــــــــــ "في سبيل التاج" في ترجمته لهذه الرواية، أبدع المنفلوطي كل الإبداع، سواء.. انقضت عزلتي مع هذا الكتاب ، عن أي شيءٍ أتحدث! ، لا تُجمل الحروف أن أصيغ الجمال الذي عاصرته و عشت معهُ في الأيام الماضية ، نقلني من حقبة زمنية إلى أخرى من مصر إلى باريس إلى الأنهار و إلى القصور ، يجولُ بكَ مشارق الأرض و مغاربها ، بذلك السحر الأدبي الذي كانت له الكلمات جاذبًا لأي قارئ فيغشى بصركَ و تسبحُ في خيالك الذي صوره لك الكاتب بأبدع صوره.
ما رأيكم بالمقال؟ نتمنى في حال وجود أية أخطاء أن ترسلوا لنا تصحيحاً عبر التعليقات أو عبر الايميل الرسمي: [email protected]
ويضم المتحف مجموعة من الصخور الجرانيتية، والفراشات المحنطة بأشكالها المتنوعة وبعض الكائنات البحرية، والاسم الصحيح للمسجد هو "محمود" وقد سماه باسم والده. مصطفي محمود pdf تحميل الاعمال الكاملة لمصطفى محمود من هنا
الإعمال الكاملة للكاتب الفرنسي أوجين لابيش ج 2 يا لها من مكتبة عظيمة النفع ونتمنى استمرارها أدعمنا بالتبرع بمبلغ بسيط لنتمكن من تغطية التكاليف والاستمرار أضف مراجعة على "الإعمال الكاملة للكاتب الفرنسي أوجين لابيش ج 2" أضف اقتباس من "الإعمال الكاملة للكاتب الفرنسي أوجين لابيش ج 2" المؤلف: أوجين لابيش الأقتباس هو النقل الحرفي من المصدر ولا يزيد عن عشرة أسطر قيِّم "الإعمال الكاملة للكاتب الفرنسي أوجين لابيش ج 2" بلّغ عن الكتاب البلاغ تفاصيل البلاغ